أ. التواصل
تختلف الاتجاهات النظرية الاجتماعية التي تتناول ظاهرة الاتصال الاجتماعي بين عدة تصورات؛ أولها التيار الوظيفي الذي ينظر إلى الاتصال الإنساني باعتباره نسقا من الأجزاء المترابطة، وتكمن وظيفته الأساسية في ربط الأجزاء والبني الاجتماعية، وضمان تكامل داخلي بين أعضائه والقدرة على خلق استجابة لدى الأفراد، فضلا على مسؤوليته في عملية توجيه الأفعال وضبط السلوكات، أما تيار التفاعلية الرمزية فقد اهتم بدراسة الاتصال باعتباره سلوكا رمزيا ينتج بدرجات مختلفة لمعاني وقيم مشتركة بين المشاركين ويهتم هذا التيار أيضا بفكرة تبادل التفاعل الاجتماعي من خلال عملية الاتصال ويقول "جورج هيربرت ميد":" إن المبدأ الأساسي في التنظيم الاجتماعي هو التواصل الذي يؤدي إلى المشاركة مع الآخر، وهذا يتطلب أن يظهر الآخر استعداده وتكون هذه المشاركة ممكنة بواسطة نوع التواصل الذي حققه الإنسان". ويؤكد كذلك أن هذه "المشاركة-التماهي" تكون سابقا منطقيا وأنطولوجيا على التواصل اللفظي، وأنها تعبر عن الاتجاهات الاجتماعية والإنسانية الأساسية، يمكن اختصارها في أهميتين: التعاون والتبادل. وركز تيار البناء الاجتماعي للواقع على استخدام الرموز والإشارات في نقل المعاني والرموز التي تشكل المخزون الاجتماعي للرأسمال المعرفي، أما تيار تحليل الثقافة فركز على نمط استخدام الناس للوسيلة والكشف عن النتائج المترتبة على استخدام وسائل الإعلام في حياتنا اليومية، وفي مقابل كل هذا نجد التيار النقدي الذي يركز على مجموعة من القيم ويسعى إلى تغيير الأوضاع الاجتماعية، ومدى سيطرة الصفوة على استخدام الاتصال و وسائله، وقد برز إسهام مدرسة فرانكفورت في دراسات الاتصال من خلال اهتمامها بنقد الإتصال ووسائله و المدرسة الماركسية المحدثة بتتبع أثر سيطرة الحكام على الثقافة وتسويقها وأجهزة الإعلام، ولقد تعددت مفاهيم كما أشرنا سابقا حول مفهوم الاتصال تتعدد التخصصات التي تناولت الموضوع، ولذلك فلم تقتصر هذه المفاهيم على تخصص معين، ولقد أصبح مفهوم الاتصال مفهوما واضحا وبارزا وفي تراث العلوم الاجتماعية ومناقشاتها، حيث ظهرت في العقود الأخيرة مؤلفات عديدة ومقالات متنوعة ومتخصصة في هذا المجال، ونبدأ أولا بإعطاء مفهوم للاتصال:" الذي يشير إلى العملية أو الطريقة التي تنتقل بها الأفكار والمعلومات بين الناس داخل نسق اجتماعي معين يختلف من حيث الحجم ومن حيث المحتوى والعلاقات المتضمنة فيه؛ بمعنى أن هذا النسق الاجتماعي قد يكون مجرد علاقة ثنائية نمطية بين شخصين أو جماعة صغيرة أو مجتمع محلي أو مجتمع إنساني، ويذهب «ويلي ورايس" إلى أن انتقال المعاني بين الأفراد هو الذي يحدد العملية الاجتماعية، بل ويحدد جميع الأشكال المجتمعية حيث يصبح بقاء الحياة الاجتماعية واستمرارها متوقفا عن انتقال الرموز ذات المعنى وتبادلها بين الأفراد، وهذا يتوقف إلى حد كبير على الخبرات الاجتماعية، والاصطلاح السوسيولوجي الذي يشير إلى انتقال الرموز ذات المعنى بين الأفراد أو الاتصال والتواصل أو بمعنى أعمق التفاعل" (محمود عودة "أساليب الاتصال والتغير الاجتماعي") كما يرى "روجرس وكينكايد": "أنه العملية التي يخلق فيها الأفراد معلومات متبادلة ليصلوا إلى مفهوم مشترك" تعريف آخر اتفق مع المهام التكاملية للاتصال بأنه" العملية التي بها يتفاعل الناس من أجل التكامل الذاتي والجماعي" ويتضح من التعريفات السابقة أن الاتصال يتضمن بصفة رئيسية نقل المعلومات من شخص لآخر، وقد اختلف الباحثون في طريقة إبرازهم لهذا المصطلح وهكذا نجد أن كثيرا من العلماء يعالجون الاتصال في تعريفاتهم من منطلق إرسال واستقبال المعلومات، حيث أن الناس يزاولون عملية الاتصال وبمعنى أشمل تتضمن هذه العملية الكثير من المشاركة في الأفكار والمعاني والمعلومات من خلال الكلمات والكتابة، والرموز"؛ أي أنه عملية منسقة تتم بين مرسل ومستقبل المعاني والأفكار عبر قنوات الاتصال ولكي تتم العملية الاتصالية لابد من توفر أربعة عناصر وهذه العناصر يمكنها أن تحدد بشكل مباشر الفاعلية الممكنة لهذه العملية هي:
ب. مفهوم التواصل البيداغوجي:
كل أشكال وسيرورات ومظاهر العلاقات التواصلية بين المدرس أو من يقوم مقامه والمتعلمين، أو بين المتعلمين أنفسهم.
مرحبا بكم، انظموا إلينا وعبروا عن آرائكم