يعتبر النشاط السكاني من المؤشرات السوسيواقتصادية لتحديد خصائص السكان في بلد معين، من خلال دراسة مفهوم السكان النشيطين. ويزاول سكان المغرب أنشطة اقتصادية تختلف حسب وسط الإقامة ما بين المدن والأرياف من جهة، وحسب القطاعات الاقتصادية من جهة أخرى.
I. توزيع سكان المغرب حسب أنواع الأنشطة التي يمارسونها في المدن والبوادي
نظرا لتباين الخصائص الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية ما بين المدن والأرياف المغربية، فإن ذلك يؤدي إلى تباين وتنوع الأنشطة التي يزاولها سكان المدن والأرياف. فمن خلال مؤشر توزيع السكان حسب القطاعات الاقتصادية، يلاحظ أن الغالبية العظمى أي حوالي 69% من سكان البوادي تمارس أنشطة مرتبطة بالفلاحة (كالزراعة وتربية الماشية والرعي) واستغلال الغابة ثم الصيد البحري. فيما لا تتجاوز نسبة سكان المدن التي تشتغل في القطاع الأول 5%. وعلى عكس ذلك تماما، فمعظم سكان المدن المغربية أي 30 تقريبا يشتغلون بقطاع التجارة والخدمات، بينما لا تتجاوز هذه النسبة 17% لدى سكان الأرياف. ويلاحظ أن نسبة لا بأس بها من سكان المدن حوالي 17% تمارس أنشطة مرتبطة بالصناعة العصرية والحرف التقليدية، وهي أنشطة تتركز بالدرجة الأولى في الحواضر. في وقت لا تزيد فيه نسبة سكان الأرياف المشتغلون بالقطاع الثاني 5%. أما نسبة السكان المشتغلون بقطاع البناء والأشغال العمومية، فتظل متقاربة في الوسطين مسجلة على التوالي 10.6% و9.3%.
أما العوامل المفسرة لهذا التباين في توزيع السكان النشطين حسب القطاعات الاقتصادية، فإنها كثيرة، متطابقة عموما ببنية وطبيعة الاقتصاد المغربي الذي لا يزال يرتكز بالدرجة الأولى على الفلاحة وعلى التجارة والخدمات، فيما يظل قطاع الصناعة متواضعا. وفيما يتعلق بأسباب تباين الأنشطة التي يزاولها السكان في المدن والأرياف المغربية، فإن ذلك يجد تفسيره في ثلاث عوامل أساسية:
أ- تباين الخصائص الجغرافية والطبيعية والبشرية بين الوسطين الحضاري والريفي بالمغرب. وتتجلى في على عدة مستويات، كالامتداد الجغرافي، واختلاف مكونات المشهد الجغرافي، واختلاف الموارد الطبيعية والاقتصادية، بالإضافة إلى التباين في نمط الحياة الاجتماعية.
ب- الاختلاف في الركائز والأسس الاقتصادية، فالأرياف المغربية، رغم التحولات التي طرأت عليها في العقود الأخيرة، ما زالت تعتمد على استغلال الموارد الطبيعية وممارسة نشاط الزراعة وتربية الماشية. بينما ترتكز المدن على أنشطة التجارة والخدمات، كما يتوطن بها جل المقاولات الصناعية.
ج- تباين واختلاف في الوظائف: فالبوادي المغربية ارتبطت تقليديا بثلاث وظائف أساسية: الإنتاج الفلاحي (الزراعة وتربية الماشية) وذلك بفعل انتشار الحقول والمراعي والغابات، وتوفرها على الموارد الطبيعية. ثم الوظيفة السكنية (قرى مداشر وقصور....) وأخيرا الوظيفة التجارية في الأسواق الأسبوعية. أما الوظائف العصرية، كالصناعة والسياحة، فإن سكان البوادي المغربية لم ينفتحوا عليها إلا مؤخرا. أما المدن المغربية، فوظائفها جد متنوعة، بفعل ظروف نشأتها وتطورها التاريخي، متل السكن، الإدارة، الاقتصاد، الثقافة والعلم.
هذا التباين في الخصائص الجغرافية والوظائف بين المدن والبوادي المغربية، هو أساس التفاعل والتبادل بينهما في إطار التكامل.
II. مظاهر تكامل أنشطة سكان المدن والبوادي المغربية
هناك دائما علاقة تفاعل وتبادل بين المدينة والبادية في إطار المنفعة المتبادلة. وتتنوع مظاهر تبادل والتكامل بين أنشطة سكان المدينة وأنشطة سكان الريف، ويمكن تحديدها في ثلاثة جوانب: العلاقات الفلاحية؛ في البوادي المغربية توفر المنتجات الفلاحية لسكان المدينة. ثم هناك العلاقات الصناعية، حيث أن الأرياف تزود مصانع المدينة بالمواد الفلاحية لتقوم بإعادة تحويلها وتصنيعها، مثل المواد الفلاحية الغذائية التي تشكل حوالي 30% من النشاط الصناعي بالمغرب. كما أن المدينة من جهتها تزود الأرياف بالآلات الفلاحية والمنتجات الصناعية التي يحتاجها سكان القرى. وأخيرا هناك العلاقات التجارية، وتعتبر من أهم مظاهر التكامل بين المدينة والريف بالمغرب، فالمدينة هي سوق تجاري ضخم للمنتجات الفلاحية. كما أن الأسواق الأسبوعية في القرى تعتبر قنوات لترويج منتجات المدينة.
مرحبا بكم، انظموا إلينا وعبروا عن آرائكم